responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 276
رب زدني فيك تحيرا هذا في الآفاق الخارجة عنهم وَاما في نفوسهم فلم ينظروا أَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ المقدر المسمى لهم وهم لا يفهمونه وان اجتمع العقلاء في تعيين أجل شخص واحد ما قدروا ومع قصور نظرهم وسخافة أحلامهم ينسبون الجنون الى المكاشفين الناظرين بنور الله المشاهدين المطالعين دائما صفاء وجهه الكريم الا وهم الذين قد انخلعوا عن لوازم البشرية مطلقا وشقوا جلباب الناسوت رأسا وخرقوا الحجب المسدولة بالكلية وصاروا ما صاروا لا اله الا هو كل شيء هالك الا وجهه وبعد ما سقط العقل عن درجة الاعتبار واضمحلت مدركاته رأسا وخرجت عن الوثوق والاعتماد مطلقا فلا تعويل الا على الوحى والإلهام الملقى من عند العليم العلام فَبِأَيِّ حَدِيثٍ من الأحاديث الملهمة والموحى بها بَعْدَهُ اى بعد نزول القرآن يُؤْمِنُونَ ايها المؤمنون المصدقون بالوحي والإلهام
وبالجملة مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ وتعلق مشيته بإضلاله وإذلاله حسب جلاله فَلا هادِيَ لَهُ يرشده فعليك ان لا تجهد يا أكمل الرسل في هدايتهم ولا تصغى ايضا الى أباطيلهم إذ أمرهم مفوض الى الله وَكيف تجتهد وتسعى في ايمانهم إذ هم قوم يَذَرُهُمْ ويتركهم الله باسمه المذل المضل فِي طُغْيانِهِمْ المتجاوز عن الحد يَعْمَهُونَ يترددون ويتحيرون الى ان يأخذهم بما يأخذهم دعهم أنت ايضا مع أباطيلهم يترددون وفي سكرتهم يعمهون
يَسْئَلُونَكَ يا أكمل الرسل عَنِ السَّاعَةِ التي تخوفهم بها ومن شدة أهوالها وافزاعها أَيَّانَ مُرْساها اى في اى آن من الآنات وزمان من الازمنة قيامها ووقوعها حتى نؤمن بها قبل قيامها قُلْ يا أكمل الرسل في جوابهم إِنَّما عِلْمُها وعلم قيامها عِنْدَ رَبِّي ومن جملة ما استأثر الله به سبحانه في غيبه ولم يطلع أحدا عليها وبالجملة لا يُجَلِّيها اى لا يظهرها ولا يكشف أمرها لِوَقْتِها الذي عين لها وفي ساعتها التي قدر لوقوعها إِلَّا هُوَ إذ هي من جملة الغيوب الخمسة التي قد خصها سبحانه لنفسه في قوله وعنده علم الساعة وينزل الغيث الآية وانما أخفاها وأبهم وقتها ولم يطلع أحدا عليها لان الحكمة المتقنة تقتضي ذلك إذ لو أظهرها على عباده قد ثَقُلَتْ عظمت وشقت عليهم أمرها واشتدت هولها على من فِي السَّماواتِ من الملائكة وَعلى من في الْأَرْضِ من الثقلين لذلك لا تَأْتِيكُمْ الساعة عند إتيانها إِلَّا بَغْتَةً فجاءة وعلى غفلة بحيث لا يسع لكم ترك ما كنتم فيه حينئذ من الأمور كما اخبر صلّى الله عليه وسلّم ان الساعة تهيج بالناس والرجل يصلح حوضه والرجل يسقى ماشيته والرجل يقوم سلعته في سوقه والرجل يخفض ميزانه ويرفعه وانما يَسْئَلُونَكَ عن الساعة وقيامها لظنهم فيك من نجابة طينتك يا أكمل الرسل كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها خبير بوقتها عليم بشأنها مذكر لها دائما مفتش عن أهوالها وأحوالها مستمرا قُلْ لهم إِنَّما عِلْمُها ووقت ظهورها عِنْدَ اللَّهِ وفي خزانة حضرة علمه ولوح قضائه وعالم أسمائه وغيب ذاته وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ انه سبحانه مختص به لا يطلع أحدا عليها
قُلْ يا أكمل الرسل لمن ظن بك انك حفى عليم بسرائر الأمور والعلوم ومخفياتها خبير أنت بحقائق الموجودات وماهياتها اعترافا بالعبودية وسلبا للاختيار عن نفسك والله لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً اى جلب نفع وَلا ضَرًّا اى دفع ضر إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ إيصاله الى من النفع والضر وايضا لا اعلم من الغيب الا ما اوحى الله الى وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ يعنى لو تعلق علمي بعواقب أموري لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ لنفسي وَصرت بحيث ما مَسَّنِيَ السُّوءُ

اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 276
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست